بعد شائعة وفاتها.. من هي الطالبة رونق زاني؟

تحوّلت الطالبة الجزائرية ونق زاني خلال الأشهر الماضية إلى حديث الوطن العربي بأسره، بعد أن كتبت اسمها بحروف من نور في سجلّ التفوق العلمي، محققة أعلى معدل في تاريخ امتحانات شهادة البكالوريا بالجزائر، غير أن هذا النجاح اللافت سرعان ما جعَلها في مرمى الشائعات، بعدما انتشرت عبر بعض المنصات أنباء مغلوطة عن وفاتها، أثارت موجة من القلق والتساؤلات، قبل أن تتكشف الحقيقة وتُظهر أن رونق بخير وتواصل مسيرتها نحو مستقبلٍ أكاديمي واعد.
رونق، الفتاة القادمة من ولاية سوق أهراس، نشأت في بيئة تربوية حاضنة للعلم والمعرفة، إذ ينتمي والداها إلى الوسط التعليمي، فكبرت على حبّ الدراسة والانضباط. لم يكن تفوقها محض صدفة، بل ثمرة اجتهادٍ طويل وسنواتٍ من المثابرة التي أثمرت عن حصولها على معدل 19.70 من 20 في شعبة الهندسة الميكانيكية، لتصبح حديث الشارع الجزائري ونموذجاً يُحتذى به بين طلبة المدارس.
تميزت الشابة المتألقة بتعدد مواهبها، فهي حافظة للقرآن الكريم ومتحدثة لبقة تشعّ ثقة وطموحاً، وقد ظهرت في مقابلات إعلامية متعدّدة تحدّثت فيها عن حلمها في متابعة دراستها خارج البلاد، والمساهمة يوماً في تطوير القطاع الصناعي والتقني في الجزائر. وبالفعل، نالت منحة دراسية مرموقة في جامعة “أستون” البريطانية، حيث ستواصل دراستها في تخصص الهندسة إلى جانب الطالب الجزائري المتفوق محمد أمين مقران، في تجربة يُنتظر أن تفتح لها آفاقاً عالمية واسعة.
لكن وسط هذا البريق، جاءت شائعة الوفاة كصفعة مفاجئة، بعدما روّجت بعض الحسابات المجهولة على مواقع التواصل الاجتماعي خبراً زائفاً عن رحيلها المفترض، ما أثار ذعراً بين متابعيها وأصدقاءها، ودفع كثيرين إلى نشر عبارات الحزن والتعزية قبل أن تنكشف الحقيقة. فمصادر قريبة من العائلة أكدت أن رونق بخير، وأنها ما زالت تتابع استعداداتها للسفر والدراسة، مستنكرة الحملة المضللة التي استهدفت ابنتهم بلا سبب.
تلك الواقعة أعادت تسليط الضوء على ظاهرة الأخبار الكاذبة التي تتفشى على الإنترنت، وتطال حتى الفئات الشابة التي لم تدخل بعد عالم الشهرة بالمعنى التقليدي. إذ باتت الشائعات أداةً لاصطياد التفاعل دون اعتبار لتأثيراتها النفسية والإنسانية، لا سيما عندما تمسّ أشخاصاً يعيشون في دائرة الضوء الإيجابي كطلاب العلم والمتفوقين.
وهكذا، خرجت رونق زاني من العاصفة أكثر قوة وإصراراً، لتؤكد أن النجاح الحقيقي لا يُقاس فقط بالأرقام والمعدلات، بل بالصمود في وجه ما يعترض طريق المتميزين من محاولات للنيل من عزيمتهم. وما زالت قصتها تذكيراً حيّاً بأن في الجزائر طاقاتٍ شبابية تؤمن بأن العلم هو السبيل الأسمى لتغيير الواقع، وبأن الشائعة مهما علت ضوضاؤها، فإن الحقيقة تظلّ أقوى، تسطع كما سطع نجم رونق في سماء التفوق.